بقلم
الاعلامي
خالد سالم
في مؤتمر علمي. وجدت شابة متميزة وسط عمالقة اساتذة السياسة و الاقتصاد وجد شابة تحمل طموحات و احلام شباب مصر. قدمت دراسة سياسية بأسلوب عصري متفرد. الباحثة روان حسن عطا و تتناول هذه الدراسة ظاهرة إعادة هيكلة السياسة الخارجية من خلال تطبيق إطار كلايفي هولستي النظري الوارد في كتابه Why Nations Realign: Foreign Policy Restructuring in the Postwar World على حالة العلاقات بين تركيا والمملكة العربية السعودية. تنطلق الدراسة من فرضية هولستي الأساسية التي ترى أن الدول تعيد توجيه سياساتها الخارجية عندما تدرك تراجعًا في أمنها، أو تواجه ضغوطًا اقتصادية، أو تشهد تحولات داخلية، أو تتأثر بتغيرات في البيئة الدولية.
تحلل الدراسة مسار العلاقات السعودية–التركية عبر مرحلتين رئيسيتين. المرحلة الأولى هي مرحلة التوتر (2011–2021) التي أعقبت ثورات الربيع العربي، حيث تبنّت تركيا دعم حركات الإسلام السياسي، وهو ما اعتبرته السعودية تهديدًا مباشرًا لاستقرار الأنظمة الملكية. تجلّى هذا الخلاف في صراعات بالوكالة في سوريا وليبيا، وبلغ ذروته خلال أزمة حصار قطر عام 2017. أما المرحلة الثانية فهي مرحلة التقارب (2021–2023)، التي شهدت تحولًا واضحًا في السياسات الخارجية للطرفين دون تغيير في القيادات السياسية، ما يدل على أن هذا التحول كان بنيويًا واستراتيجيًاوليس شخصيًا. وقد انعكس هذا التقارب في استئناف الزيارات الدبلوماسية رفيعة المستوى، ورفع المقاطعة الاقتصادية غير الرسمية، وتعميق التعاون التجاري والاستثماري والدفاعي.
تُظهر نتائج الدراسة أن هذا التقارب يمكن تفسيره بوضوح من خلال شروط هولستي، ولا سيما الضغوط الاقتصادية التي واجهتها تركيا، وإعادة التموضع الإقليمي الناتجة عن تراجع الانخراط الأمريكي في الشرق الأوسط، إضافة إلى تراجع حدّة الصراعات الإقليمية. كما تدعم الدراسة تحليلها بإطارين نظريين مكملين: الواقعية الجديدة لتفسير منطق الأمن والصراعات خلال مرحلة التوتر، والليبرالية الجديدة لتفسير دور الاعتماد الاقتصادي المتبادل في تعزيز التقارب واستدامته.
وتخلص الدراسة إلى أن التقارب السعودي–التركي يمثل إعادة هيكلة جزئية وبراغماتية للسياسة الخارجية، لا تعني نهاية التنافس الجيوسياسي أو الأيديولوجي، كما يتضح من استمرار التنافس المحدود في مناطق مثل القرن الإفريقي. وتشير الأدلة اللاحقة لعام 2023 إلى أن شروط التقارب ما تزال قائمة، مما يرجّح استمراريته على المدى المتوسط.
تتميّز هذه الدراسة بعدة إسهامات علمية تجعلها مختلفة عن الأدبيات القائمة. فهي تُعد أول دراسة تطبّق بشكل منهجي نظرية هولستي على حالة العلاقات السعودية–التركية، في حين ركزت معظم الدراسات السابقة على الواقعية الدفاعية أو نظرية الأدوار أو تحليلات إعادة الاصطفاف الإقليمي دون استخدام هذا الإطار. كما تقدم الدراسة تحليلًا زمنيًا متكاملًا يربط بين مرحلتي التوتر والتقارب ضمن إطار سببي واحد، موضحة أن العوامل نفسها التي أدت إلى الصدام يمكن—عند تحوّلها—أن تفسر التقارب.
كذلك، تعتمد الدراسة مقاربة نظرية مركّبة تُظهر تكامل النظريات بدلًا من تنافسها، وتنفرد بإدراج قسم تنبؤي يقيّم استدامة التقارب في ضوء المتغيرات البنيوية المستمرة، وهو ما تفتقر إليه غالبية الدراسات السابقة. وأخيرًا، تسهم الدراسة في تطوير فهم أدق لمفهوم إعادة هيكلة السياسة الخارجية بوصفه عملية جزئية، قطاعية، وقابلة للتراجع، لا تحولًا دائمًا أو شاملًا، مما يجعل نتائجها قابلة للتطبيق على حالات إقليمية أخرى داخل الشرق الأوسط وخارجه.


